صفحات المدوّنة

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، مارس 22، 2010

للبيع

متى ؟ .. لا أذكر !

ما أذكره أني كنت أسير على كورنيش الإسكندرية مُثقَل الخطى ومُحمّل بهموم الدنيا التي فاقت كل إحتمال. أفكار كثيرة جالت بخاطري وأحلام يقظة تراءت أمامي ورغبة قوية في الصراخ!. حنين للماضي و ملل من الحاضر ؛ في الحقيقة لم أعد أكترث لكليهما .. حتى المستقبل .. توقفت عن التفكير فيه ؛ فهو دائماً مُخيِّب لتوقعاتي !
أقرر أحياناً عدم التفكير أصلاً تجنُّباً لمزيد من الإحباط ! .. لكنني لا أنفذ قراراتي في كثير من الأحيان شوقاً لقليلٍ من الإحباط !

” مهلاً .. أنا أعرف هذا الشخص ؟!”
هكذا بدأت تروس ذاكرتي تتحرك بصعوبة – رغم الصدأ والأعطال (مع العلم أنها مازالت في فترة الضمان) – عندما وقعت عيناي على أحدهم ينزل من سيارته التي أوقفها على الجانب الآخر من الطريق.

” علي .. علي .. يا علي ! “

كنت أتوقع أن يقفز فرحاً ويُلوّح لي بيده عندما رآني -كما كان يفعل في الماضي وكما كنت أفعل- ؛ لكنني لم أفعل! .. ارتبكت .. نعم .. ارتبكت عندما انتبه إليّ ! .
كذلك هو ، إكتفى بإبتسامة متثاقلة جداً بينما تابعت عيناه السيارات التي تعبر بيننا حتى يتمكن من الوصول إليّ قبل أن يفقد حياته.

ساعة ذهبية وشنطة نموذجية وبدلة أنيقة وحذاء كالمرآه ! .. هذا الهِندام رأيته من قبل .. نعم بالظبط .. أحمل عنه خبرة سيئة جداً .. لا يهم .. فلأدع هذه الهواجس جانباً الآن ولأُعانق هذا الصديق القديم بقوة لعلنا نمضي بقية اليوم سوياً نتحدث عن الأيام والذكريات.

“علي” أعز أصدقائي وحامل أسراري وشريك أحلام شبابي. أنا بالطبع لا أحمل رصيداً كافياً من الأحداث للسرد ، لكنه كما يبدو لديه من السرد ما يكفي.

“هل تلاحظ معي إختلاف ملامحه؟” _ أعتقد أن ملامحه كما هي ، لكنه يلمع بطريقة مفرطة! … شعره ، شفتاه ، وجهه و … “لماذا لا تلمع عيناه كالبقية أو كما كانت في الماضي؟!”

همّ أن يعبُر الطريق عندما سنحت له الفرصة لولا أنه توقف فجأة ورجع خطوتين للخلف .. تفحص جيوبه في ارتباك ثم أخرج هاتفه المحمول .. هل هو هاتف مُربــِك لهذه الدرجة؟! .. ملامح وجهه تقول أنه يتلقّى الآن كماً هائلاً من التوبيخ الشديد .. نعم .. أنا لا أخطيء قراءة الملامح .. هذا ما تعلمته من الأيام.

قررتُ أن أدع الأيام جانباً الآن وأقوم بأكبر عمل بطولي في حياتي: “سأعبر الطريق ! “
تابعت السيارات وتابعت الأدرينالين يتخلل كل خلية بجسدي .. بينما ظل هو منهمكاً في الإستماع بحرص للمتصل! .

وما أن استقرت قدمي اليمنى على الأسفلت حتى قفزت للخلف عائداً للرصيف تفادياً لسيارة مرت بسرعة خاطفة ضربت أبواقها بصوتٍ عالٍ ونثرت المياه المستقرة على الأسفلت في كل مكان.

” ياللحمقى عندما يستقلون سيارات! “

إلتفتُ إلى صديقي الذي رأيته يغلق جهازه المحمول ويضع شنطته على الأرض ثم تابعته وهو ينحنى ليعدّل من كسرة بنطاله المتدلي على حذائه .. انتابتني حالة من الصمت الداخلي والذهول المرعب الممتزج بالإستغراب الفاضح والذي ظهر على ملامحي خاصةً عندما عاد مشدود الظهر مرة أخرى ونظر إلي بتلك النظرة الخاوية ! .. أتذكرها جيداً .. بعدها سكن للحظة .. وشد على رباطة عنقه بقوة ثم أخذ شنطته وعاد ! .. عاد بكل بساطة الدنيا مرة أخرى إلى سيارته – نفس طراز سيارة الأحمق الذي كاد ينهي حياتي تحت إطاراته منذ قليل – .. عاد وأغلق الباب بقوة وانطلق … وذابت سيارته وسط الزحام.

وقفت متسمراً مكاني قليلاً أحاول إستيعاب ما حدث قبل أن يفاجئني رنين هاتفي المحمول !
ــ ( آلو .. دكتور محمد .. أنا دكتور (..) من شركة (..) )
ــ قلت وحشرجة خفيفة في حنجرتي : (أي خدمة؟)
ــ ( برجاء زيارتنا غداً في مقر الشركة لتستلم الوظيفة التي تقدمت لها من شهرين )

انفجرت ضحكة صامتة هزت قفصي الصدري .. ثم نظرت إلى حذائي الذي يحتضر من البلل قبل أن أضحك ضحكة عالية .. وأقول بأدب: ( آسف يا فندم .. لستُ للبيع) !



محمد عمر
مارس 2010

السبت، مارس 13، 2010

من طوب الأيام

جدارٌ عازل تَعَاونا سَوِّياً على بـِنَائـِه وتَغْطِيةِ ثَغَرَاتهِ بالأسلاكِ الشائكة حتى أصبح عبورُ أحدِهما للآخرِ من الأمورِ الغيرِ مطروحة للنقاش ! .. من المفيدِ الآن لكلٍ منهما: التفكيرُ في نوعِ الطلاءِ المناسب لحياةٍ جديدة.

محمد عمر
مارس 2010

ShareThis