صفحات المدوّنة

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، أكتوبر 18، 2012

صباح

لا يمرّ عليّ أسبوع واحد حتى أسمع ولولة صباح بالنهار. مرة نزيف داخلي بسبب زوجها الطويل العريض (كما تصفه) والذي لم يستطع أن يمنع نفسه منها وقت الحيض، ومرة بذراع مكسور بسبب هزاره من النوع الثقيل معها بعد حلقة المصارعة التي شاهدتها معه ذات ليلة -بالعافية-. لا أعلم ماذا يعمل هذا الطويل العريض من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثانية صباحاً، أما صباح فدورها في الوحدة ينحصر على قطع التذاكر للمرضى. ـ

 ذات يوم حكت لها أماني -كبيرة التمريض- عن ابنتها التي فوجئت بلّص يقفز داخل بلكونتها أثناء تواجد زوجها في العمل، فتحايلت ونادت بصوت عالٍ "جهزتلك الغدا يا حبيبي"، مما أربك اللّص وجعله يقفز على شجرة كبيرة مقابلة للعمارة ومنها إلى الشارع. لكنّ أماني خافت على ابنتها "ليحصّلها حاجة" وأمرتها بأن تجلس معها في شقتها بالدرايسة وقت تواجد زوجها بالعمل الذي يشتكي -كل يوم- من برودة الغداء خاصةً وأنه "بيطلع ميتينه في الشغل" وزوجته "بتخاف ع الفاضي" !؛ لهذا جاءت صباح بابنتها معها في الوحدة، وجعلتها تقطع التذاكر للمرضى معها لتقضي وقت فراغها هي الأخرى.ـ

فريدة -بنت صباح- كانت تقطع التذاكر، وتمسح أحياناً السلّم، وتجيء بالطلبات للدكاترة -إذا لزم الأمر-، غير أن رغبة فريدة كانت أكبر من تمضية وقت الفراغ، لكن سوء حظّها أن الدكتورة وفاء -مديرة الوحدة- لا تملك لها عقود عمالة مؤقتة، فآخر عقد كان من نصيب ابنتها التي تمضي وقت فراغها هي الأخرى في قسم المحاسبة بالوحدة.ـ

أوّل أمس تلقت صباح مكالمة تليفونية من ابنتها فريدة -التي كسّلت أن تحضر بعدما "عرفت إنها مش هاتاخد فلوس من الوحدة"ـ ، فاستلفت منّي خمسة وعشرين جنيهاً واستأذنت فزعةً قبل ميعادها بنصف ساعة وتركت المرضى يشتمون الدكاترة الذين توّجهوا إلى الدكتورة وفاء للشكوى فوجدوها في أجازة. انطلقت صباح إلى المخبز القريب من منزلها لتحضّر "ستة ، سبعة حواوشي" ! ؛ هكذا طلب زوجها الذي لم يعجبه السمك البوري الذي حضرّته فريدة على الغداء بعدما أسمعها أقذر السباب وأحطّ الشتائم لأن فريدة اشتكت له غاضبةً في السمّاعة "يعني هم الخمسة عشر جنيه بتوع كل يوم دول يكفّوا إيه ولا إيه".ـ صباح أتت لهم بالأمس متوّرمة العينين بسبب زوجها الذي ضربها بعد أن أكل الحواوشي مما أدى إلى خمس غرز داخلية و ست غرز خارجية في جمجمتها، فقررت ترك البيت وتوّجهت بعد عملها بالوحدة إلى السوق ثم التمشية في الشوارع، وفي السابعة مساءاً ذهبت إلى فرح صديقتها بقاعة سمرمون، وبعد انتهاء الفرح مضت ساعة على إحدى الكافيتريات المجاورة للبيت حتى الثالثة فجراً، بعدها عادت إلى المنزل ونامت حتى السابعة صباحاً ثم ذهبت للوحدة دون أن يشعر بها زوجها. وأثناء "رغي" أماني، سألتها عن ابنتها، فقالت: "اسكتي، مش في حرامي امبارح اتظبط ف شقة جنب شقة بنتي، بس جرا منهم ابن الكلب؟!" قلت لها: "مابلغتوش عليه ليه؟" ، فرّدت: "محدش شاف وشّه .. بس اللي شافوه قالوا إنه طويل وعريض"

محمد عمر
أكتوبر 2012

ShareThis