صفحات المدوّنة

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، نوفمبر 16، 2012

زينب

زينب لم تنتحر، لم تشرب السجائر بافراط، لم تخرج غيظها في أبناءها، ولم تفكر حتى في قتل أستاذة عزّة مديرتها التي التزمت بالصمت طوال سنة وسبعة أشهر حتى انتظرت الغلطة الوحيدة لزينب قبل أن تحوّلها للنيابة الإدارية بتهمة الاختلاس، وينتهي بها الحال لتلك الفضيحة وسط دكاترة الوحدة، وتُسحب منها مهمة تسليم المرتبات. زينب لم تختلس. كل ما في الأمر أنها سلمّت مرتبات دكاترة وحدة العامرية إلى الدكتورة وفاء، والتي كانت ستقوم بدورها -كما يحدث كل شهر- إلى تسليم المرتبات لبقية الدكاترة. لكن سوء حظّها أن الدكتورة وفاء توّفت في الطريق، ولم تكن قد مضت -هذه المرة- على الأوراق الرسمية التي تثبت تسّلمها مرتبات زميلاتها، ولمّا جاءت الشكوى من العامرية، كانت التهمة قد أحاطت رسميّاً بها. وما هو ذنب زينب؟. ما هو ذنب محاسبة غلبانة (على حد تعبير زينب) في إحدى الوحدات الصحّية التابعة للحكومة، سوى أنها تكسب -كل ما تكسبه- أوّل كل شهر -بجانب مرتبها من الحكومة- خمسة جنيهات من كل طبيب/صيدلي/طبيب أسنان يستلم منها مرتبه، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف مرتبها، "وياريته بيكفّي" -كما تقول أوّل كل شهر-.ـ

ما حدث أن زينب أخرجت هي الأخرى غلطات عزّة التي احتفظت بها في الدرج. عزّة لم تتحمّل عقاب النيابة الإداري، وطلبت نقلها إلى وحدة صحيّة أخرى في منطقة شبه نائية بنفس المنصب، فهي -على عكس زينب- لم تتحمل أن تجلس على كرسي آخر غير كرسيّ مديرة القسم. عزّة تعاني كل يوم في المواصلات، وطالبت زوجها بأن "يتصرف" ويشتري لها سيارة بالقرض الحسن بدون فوائد -كما جاء الإعلان على إحدى القنوات الإسلامية-.ـ

المحاسبة الجديدة رغم أنها لا تمتلك بجاحة زينب -وقدرتها على الشرشحة- في أخذ الخمسة جنيهات من كل طبيب/طبيب أسنان/صيدلي أول كل شهر. لكنّها مضطرة لذلك، خاصةً بعد أن وعدتها الأخيرة بأن تتكتم على غلطاتها ولا تفضحها أمام مديرة القِسم الجديدة.ـ


محمد عمر
أكتوبر 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ShareThis